الخميس، مايو 28، 2009

النّبع المُقدس



نصبت وطأتيها على شفا قشرة الأرض يفصل بينهما شبران سمينان.. يداها تلتحفان ظهرها.. خصرها ينحني باتجاه النبع.. متنها ينحدر نحوه.... وشفتاها تعانقان فراته..رتبت غدائر شعرها المنسدلة كدياجيرٍ على جبين الصباح في باقةٍ.. ثم همست للنبع كما علّموها((لا إله إلا أنت))
جفت عنه..رتبت تفاصيل جسدها.. رفعت نهديها نحو رحم السنا.. امتشقت ظهرها إلى أمام الخلف..وانطلقت في سبيلها واختفت فيما بعد النهاية…
قالوا هوت.. وإلى النور الأدهم ثوت.. وطمشٌ آخر في دهاليز البشرية العشواء قال انتهت، وآخرون حدثوا باسم النبع المقدس أنها نجت!

أخرى.. وردية المحيى.. جلست على صخرةٍ صلعاء ساجية تتأمل النبع.. انتظرت في شوق أن يفك الأصيل آخر أزرار النهار..وما أن بان السنّمار حتى تقشرت من سربالها العِنَبي.حررت ضفائرها من ضيم القيود.. ركلت كعبيها في باحة النبع ثم سكبت نفسها في أحد أقداحه …
نبست في سر النبع: (( عمدني يرحمني القمر الغاسق))…خرجت من النبع منهكةً ووقفت خجلةً أمام القمر كأنثى قد فقدت للتو عذريّتها…لملمت أفكارها ثم انطلقت كما لقنوها ولقموها تسير صوب القمر في درب النجاة… واختفت!

قالوا أنها من على سلّم السماء ارتقت… وانتقت حوريٌ واعتلت وإياه سقف الغمام وعاشت في عدن! .. وسبطٌ بشريٌ آخر قال أن الروح تصمت! إذما الفؤاد سكت!!، وآخرون لا يشربون النبيذ الأحمر، لا يزنون، ولا يضاجعهم الشيطان..قالوا أنها انتحرت من على سفح المجون وإلى السعير أوت!

ثالثةٌ عاريةٌ دنت من النبع بكامل نقصانها، شربت من مياهه، اغتسلت.. اضطجعت على شفته تتأمّله... طابها الملل...دالت للنبع ظهرها تستفزه بتضاريسها، بجبروت الشهوة! وبضوضاء انحداراتها....كفرته ألفاً ومرّة..لكنه لم يبتلعها كما تقول الأسطورة وكما علّموها......

وبعدما دلفت الصراط المؤدي إلى المجهول أو اللاشيء ثم اختفت!: قالوا هوت...قالوا ارتقت... قالوا انتهت!!!!!

كلهم قالوا ما في جعبتهم!!

أثينا ربةُ من حجر وآخرون يدعون أنها ربةٌ منها الحجر.. تضمرها أشكال الصدق خلف وشاحٍ من عجاج..وتظهر فيما بعد النهاية حاملةً راية الصدق القمراء..:
كلّهم كجميعهم يعملون أنهم يدرون ولكنهم لا يدرون أنهم لا يعلمون..كلهم يصلون أو لا يصلون...ووجه الصّدق يبقى واحدٌ.. رموزه كثيرة تبدأ في سحق الأنا وصقل المعدة على أن تهضم أي شيء! وكل شيء.. وتهذيب الأذن على أن تستمع للصاخب والهادئ في آنٍ معا!..ً وشحذ المقل لتقشع حقيقةَ أن السّماء لم تكن يوماً زرقاء!!!

انتهى الأحد 26.04.2009 12:12

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق