الخميس، مايو 28، 2009

النّبع المُقدس



نصبت وطأتيها على شفا قشرة الأرض يفصل بينهما شبران سمينان.. يداها تلتحفان ظهرها.. خصرها ينحني باتجاه النبع.. متنها ينحدر نحوه.... وشفتاها تعانقان فراته..رتبت غدائر شعرها المنسدلة كدياجيرٍ على جبين الصباح في باقةٍ.. ثم همست للنبع كما علّموها((لا إله إلا أنت))
جفت عنه..رتبت تفاصيل جسدها.. رفعت نهديها نحو رحم السنا.. امتشقت ظهرها إلى أمام الخلف..وانطلقت في سبيلها واختفت فيما بعد النهاية…
قالوا هوت.. وإلى النور الأدهم ثوت.. وطمشٌ آخر في دهاليز البشرية العشواء قال انتهت، وآخرون حدثوا باسم النبع المقدس أنها نجت!

أخرى.. وردية المحيى.. جلست على صخرةٍ صلعاء ساجية تتأمل النبع.. انتظرت في شوق أن يفك الأصيل آخر أزرار النهار..وما أن بان السنّمار حتى تقشرت من سربالها العِنَبي.حررت ضفائرها من ضيم القيود.. ركلت كعبيها في باحة النبع ثم سكبت نفسها في أحد أقداحه …
نبست في سر النبع: (( عمدني يرحمني القمر الغاسق))…خرجت من النبع منهكةً ووقفت خجلةً أمام القمر كأنثى قد فقدت للتو عذريّتها…لملمت أفكارها ثم انطلقت كما لقنوها ولقموها تسير صوب القمر في درب النجاة… واختفت!

قالوا أنها من على سلّم السماء ارتقت… وانتقت حوريٌ واعتلت وإياه سقف الغمام وعاشت في عدن! .. وسبطٌ بشريٌ آخر قال أن الروح تصمت! إذما الفؤاد سكت!!، وآخرون لا يشربون النبيذ الأحمر، لا يزنون، ولا يضاجعهم الشيطان..قالوا أنها انتحرت من على سفح المجون وإلى السعير أوت!

ثالثةٌ عاريةٌ دنت من النبع بكامل نقصانها، شربت من مياهه، اغتسلت.. اضطجعت على شفته تتأمّله... طابها الملل...دالت للنبع ظهرها تستفزه بتضاريسها، بجبروت الشهوة! وبضوضاء انحداراتها....كفرته ألفاً ومرّة..لكنه لم يبتلعها كما تقول الأسطورة وكما علّموها......

وبعدما دلفت الصراط المؤدي إلى المجهول أو اللاشيء ثم اختفت!: قالوا هوت...قالوا ارتقت... قالوا انتهت!!!!!

كلهم قالوا ما في جعبتهم!!

أثينا ربةُ من حجر وآخرون يدعون أنها ربةٌ منها الحجر.. تضمرها أشكال الصدق خلف وشاحٍ من عجاج..وتظهر فيما بعد النهاية حاملةً راية الصدق القمراء..:
كلّهم كجميعهم يعملون أنهم يدرون ولكنهم لا يدرون أنهم لا يعلمون..كلهم يصلون أو لا يصلون...ووجه الصّدق يبقى واحدٌ.. رموزه كثيرة تبدأ في سحق الأنا وصقل المعدة على أن تهضم أي شيء! وكل شيء.. وتهذيب الأذن على أن تستمع للصاخب والهادئ في آنٍ معا!..ً وشحذ المقل لتقشع حقيقةَ أن السّماء لم تكن يوماً زرقاء!!!

انتهى الأحد 26.04.2009 12:12

شفتان على رصيف وسادتي



محبوبتي
في هودجٍ لخيالتي…
تسري شفتاك الحافيتين..
على رصيف وسادتي…..
أتواتر إليهما
متطفلاً
متملصاً
متسربلاً بشقاوتي..
تفاجئني إشارة قِف!
على ناصية المقلةِ
أكافر دين الوقفةِ..
يا محبوبتي
التي ما فتأت حائرةً على
مفترق محبتي..
أقتل إلهً يجحفنا
أبحث عنك بين جلِّ الدياس
في زقاق مخدتي……
أدانيك…
تتقمصين إباءة!
تمارسين سياسة الفصل
بين جوارحي ومهجتي
يا مهجتي…
كم أحبها صائمةً
صامتةً
ًشامخة
زاقفةً
شفاهك
في فصل الكسل..
تترتح على أرجوحة
شفّتي….
وتدندن أركستراك
على مشارفها
موسيقى قبلةٍ
وزئير نشوةٍ
ولهاث رجفةٍ..
فأعلن نكبتي ونكستي
وكامل طقوس الانكسار…
على ضفاف وسادتي..
ما شئت باللثم
أن أشفي سؤددي
أو أن نمارس انتفاضة!...
أو أن تبتلعي مهرجان
شهوتي…
بل أن أضرم قبسٌ من الحب
في فؤادك..
نقمتي…
ولأعلّمك لغة الهوى
التي كلّما أدركتِها
جَهِلتِها ..
يا مهجتي….
واتيتك رسولاً للوصل
فانكريني كثمود..أو كالحقيقة
في حكاية ثورتي...
ما خشيت قبلك اليمّ
ضائجاً أو ساجياً..
وخشيَته في عينيك
مقلتي…..
عين فيه وزمهريرٌ ونيزك
ويوم ثامن في الأسبوع أنت
وكل نيفٍ
في روزنامتي……
محبوبتي
كلما أضنى هزيع الشوق مسامعي
ضجت
مدامعي
ومضاجعي
ومرابعي
وكلي..
أَسْكُبُني إليك…………
على رصيف وسادتي,,,,
قبل النوم مع الاعتذار

أهديها لقارئتها الأولى..

ولصديقاي أنس ورأفت

دمتم



للتي في عينيها كمان...
***
(1)
اضمري هواكِ
فكلما أنكرته تعالى سجو الاعتراف!
صاحبة الكمان..
تعزفينني كلما صمت البحر في مقلتيك!
وتسوقينني إلى زوابع الوهج الرهيب....
يغتال سجّين الشبق في جسدي هُدام!
فأنصهر
وأنتشي....
وأنتحر من نافذة مغلقة!
وأشجو كفاقدةٍ للعذريةِ...
(((فوضى الرياح
في محياها تتراشق
في كل اتجاه...
لا انسجامٌ
لا وئامٌ
لا سلام...)))
تتلعثم..
تجري على قدمٍ بلا ساق..
تتحمحم...
بصوت الصمت!
تحمل وجنتيها إلى كفي ميزان
فتنبجس وسط الشدقين ابتسامة!
كم أشتعل!..
وتتلظى من ضرامي قواربي
ولا ينقذها من هجيري الأزرقان..

حبيبتي اقبلي بتقصعٍ فكلما
دنوت مني تشرشني الغياب!....
ولما يسكبوا لك المساء في قدحك
أحمر الفوّهةِ
لا تنأي يا حبيبتي
فيسلب رحيلك مني القلب واللسان...وأنت!
أنت مسيح العيينين الذي
يشعل فتيل الحياة في نعشها
بنظرة!
وأنتِ التي
كلما قشعتها قلت:
ما أكمل النقصان....
(2)
اقتلديني عقداً...
لؤلئياً..
ترابياً
غمائمياً
أو نارياً
اقتلديني كالحرمان
أبعثر لهيبي كلما تحرر طوق الرجفة!
أفكك زنار النار....
وأقطر تاريخ مروءتي بين أصابعك...
أفتح جرار أنوثتك الخلفي....
أسكب النمش على خارطة صدرك...
((أخالني طوقاً جينيسياً
بانفلاتاتي التترى.....!!!!)))
وقبطان......
يصارع الزبد وبلسم اليم
على ضفاف الفم واللسان..
وكلما تموجت منكِ زعقة!..
دارت كالأفيون في حشاشتي
أنت زمن الحشيش يا حبيبتي
كلما صفعتني بنظرة!..
انتفضت في حشاي كالمدام...
فلاحة قلبي أنت...
وفلّاح اللعنة أنا
حصدتك ولم أدر أنك قمحةٌ
ما لك نظيرةٌ
يأكلها الفؤاد ولا تمسها الأسنان!!
حبيبتي..
لا زلت أبحث عن مربع
الموت في أحضانك..
فهل تقبلين يا مهدي
أن تضحي لي لحدي
والشفتان
اللتان ستنبطحان على جبيني
كلما دال عليّ الرصيف والزمان ..؟
****
(3)
حبيبتي
في مدينتي
كل شيءٍ مختلف!
كل شيءٍ مرتجف!..
قلمٌ متعجرف...
لا يرى من علياءه إلاك
ووطن!..
شمسٌ وراء البحر على شفا
فوهة الانكسار.....
تنادينا.. تناجينا..
بقوت الحب تغرينا.....
وبيننا وبين الشمس الزهرية بحر.....

بيننا وبين الحب بحر..
يفصلنا غرق.....
قلق......
كأس عرق
يسخر منّا...
يجحفنا حاجزٌ سميك...
عنصريٌّ كالتسامح..
خوفٌ من الغرق يعترينا..
وكأسُ الشبق يسقينا
رحمة الشيطان.........
قلت
ماذا تنتظرين؟
(إشارات المرور..) قلتِ
فأجبتك
-كلّها خضراء فلم تتوجسين؟
(لا زال القمر في عينيك أسود)...أجبتِ ...
-ألم تحبينه أدهماً يلمع كبرق الغربة في سماء الأوطان؟. [قلتُ]
- الآن فقط سيعجبني قمرٌ هائج الفتور، باردٌ كنارك!
-ولِمَ يمسح منديل بحرك الأسود الزبد كلما تلظى؟ ماذا تخشين؟

(أخشى الفراغ الكثير في اللاشيء..ادلف الغرق أنت..
دعني... )
أسهبْتِ:
(ماذا تنتظر؟)

قلت قد أغرقتني الشطآن قبل أن بعث الوقت!......
ولا زلت متربصاً جنازة حيرتك..
أنتظر غرقك وموتك!..

الجمعة، أبريل 24، 2009

محاولة قصصية ثالثة: خائنة. لم تخن أحداً\ أوطان وأحزان2 ((مسودة))



بقلم: محمود توفيق أبوعريشة

انجرف الظلام ليغمر منعطفات الطريق..وتعالى صمت القمر حتى فقدت عيوننا حاسة السّمع!..فوقفنا مشدوهين أمام سُلطته كما في كل مساء نبادله اللعنة.. رقيقٌ هو القمر كيف ينتصب في محراب السماء المطلة على الطريق... لكننا اعتدنا أن نلعن السُّلطة..!
ما أن تمتطي الآصال أديم السماء حتى يبدأ الزبائن بالتذامر مع النسيم إلى أحشاء الحانة الواقعة على حافة الطريق، فتعج برنين الكؤوس وخرير الرشفات وضحكاتٍ صاخبةٍ لا تتوقف.. دخلتُ الحانة استعداداً لهبّة المساء تاركاً خلفي بلها كثر متفرسين بالقمر.. أكملت تلميع الكؤوس.. وضبت الكراسي، ثم نظفت الطاولات وسبقتني إلى موقعي في الجانب الداخلي للبار تنهيدة..رتبت تضاريسي على المقعد المستدير.. هناك حيث اعتادت أن تراني.. وحيث ظننت يوماً أنني أتقن تجاهلها..

دخلتْ.. بكامل نضوجها.. وبملامح الغربة الساكنة في تقاسيم وجهها..تتقدّمها شفتاها البارزتين وشالٌ يحيط عنقها الأسمر الطويل..وكعادتها تربعت كرسيها المعهود في الزاوية اليسرى للبار.. ألقت بإحدى قديميها اليافعتين على الأخرى.. نصبت يديها على الطاولة ثم أطاحت برأسها على كفيها.... وأسهبت بالنظر إلي... لم أخاطبها أو تخاطبني يوماً. بل أمضينا السويعات اليومية في قراءة الصمت في ملامحنا..وأتقن الصمت كتابتنا على جبهاتنا فلذنا به.لكن شيئاً اختلف في هذا اليوم.. شيءٌ لا أعرفه يجول وجهها وذهنها..شيء يخيفني.. يرعبني..يزلزلني!.. كان لا بد أن أعرف ما بها...كان لا بدّ أن أكلمها.. كان لا بدّ أن اكسر حاجز البكم الذي صنعناه.. لكن لا .. ومن أكون أنا لأخاطبها..؟ وكيف ذلك وقد وعدت نفسي ألا أنساق لأي فتاةٍ بعد حبي الأول... لكنها اختصرت لي الطريق وأسلفت:
- كأس لو سمحت..
كأس؟! كيف!.. لا بدّ أني أخطأت السّمع!..هي مثلي لا تشرب!..ولا تؤمن أن المشروب هو ترياقٌ للألم.. أقصد هي لم تشرب أبداً منذ أن دخلت للمرّة الأولى هذه الحانة.. حتى أنها..حتّى أنها لم تطلب شيئاً بل قد اعتدتها أنثى صامتة..!!!..فماذا بحق السماء يجري الآن؟

مزجت لها ويلازمني ضربٌ من الصدمة..سلبتني الذكرى لهنيهات.. أخذتني إلى حيث رفضت تكراراً.. إلى اللحظة التي ارتشفت فيها جرعة الموت فلاقاني على عتبة الرّدى بلسم الحياة وغاص في تضاريسي... لم أك أعلم أني قد أخاف الذكرى يوماً.. ولطالما شعرت أن محبوبتي ترافقني رغم أنها وبعدما وهبتني روحها واقيةً إياي من رصاص الاحتلال أضحت جسداً بالياً تحت التراب.. لكني لطالما آمنت بطبقية الموت وأن الأنا هي جسدٌ نفسٌ وروح...جسدٌ تحت الثرى.. ونفسٌ على الأرض.. وروحٌ في السماء...إلا أن تلك النفس ما عادت تشايعني مذ أن رأيت هذه الفتاة تمرّ من أمام الحانة... أحببتها لكن ليس من النظرة الأولى!.. إنما من همسة الصمت الأولى!!... بهرني الصمت في ملامحها.. وما عدت أرى على الغبراء إلاها.. تتبعتها بناظري فوجدتها كالكثيرين تحضر الطريق لتجلد القمر باللعنة ... التقينا هناك فاعتدنا أن نقرع نخب الصمت سويةً... وسرعان ما بدّدت نظراتنا حواجز العجاج من بيننا..

- الكأس. الكأس امتلأت!! ما بك!!

صدني صاحب الحانة ورئيسي في العمل..ابتسمت هي.. لكنها ابتسامةٌ غير مألوفة..أصرّيت على أن هنالك أمرٌ غريب.. مزجت لها آخراً وقدّمته لها..فأردفت وكأنها تعتصر أفكارها فتقطرها مالحةً على جرحها الذي لم يندمل....:
-هل ترى هذه الكأس...؟
تلولبها.. وكأنها تقرأ القدر في ترنحات الزبد.. ثم تكمل:
-مذ ولدنا وينصحوننا بالنظر إلى الجزء الممتلئ فيها.. لطالما عجبت.. كيف لا.. وقد ولدنا وفوهات كؤوسنا تنزف.... ولذلك لطالما تقت إلى فراغٍ فيها..ففيما تستبطنه كؤوسنا لا شيء قد يسلبك إلى حيث تحلم..
تناولت الكأس حتى وصلت قشرة شفتيها.. وأنا كلي اندهاشٌ...أمالتها نحوهما.. ثم أزاحتها عن شفاهها وألقتها أرضاً ثم أردفت:
- لم أطلب الكأس لأشرب.. فأنا كما أنت واثقٌ لا أشرب..هل ترى الآن ما حصل...؟ تكسّرت الكأس.. هكذا هو مصير الكؤوس الممتلئة جميعها.. لا بدّ أن تتكسر يوماً.. انظر إلى شظاياها هي لا شك تجرح!!..
-
لملمت سُعفها بعدما بعثرتها رياح الوجع.. وخرجت مهرولةً من الحانة.. لم أفكر وركضت خلفها مباشرةً.. لحقتني صرخاتٌ جهلت مصدرها.. أوقفتها غصباً عند ناصية الطريق على بعد ديكامترات من الحانة..فنبست محاولةً التخلص من قبضتي...
-أتيت الحانة اليوم لأودّعك.. ولم أنجح في أن أودّعك كما وودت..
- لا تودعينني فإنني أخشى الفراق!..
ذبلت بين أضلاعي بمعطفها الأخضر العشبي.. وبوجنتيها الحمراوتين اليانعتين.. فعدنا لممارسة عادتنا السريّة.. صمتنا.. وطلت الدموع ثملةً تتمختر من خلف قضبان مقلتيها لتصبغ سكوتها بحرقةٍ قتلتني..حاولت أن أعرف سبب ألمها.. إلا أنها رفضت وأصرت على الفُراق.. لكني أدركت ومنذ اللحظة الأولى أن ألمها فلسطيني المجرى وصهيوني المنبع... أمضينا سويعاتٍ طويلةٍ محدّقين بأنفسنا لا نرى ثالثاً حولنا إلا الغاسق شاهد الصمت وحامل اللعنة...

**

استفقت من نومي على صوت الهاتف الذي تزامن وصريرٍ خافتٍ للباب عقبته طرقة- بعدما بدّل آذار ثوب الليل واعترت ملامحه إشراقة الصباح- نظرتُ إلى جانبي فلم أجدها في السرير..أجبت الهاتف على عجلٍ..وكان صاحب الحانة على الخط.. استأذنته بأني مشغول.. فردّ بأنني فصلت من العمل بعدما تركت الحانة أمس.. لم أعر ذلك انتباهاً وركضت نحو الباب.. لكنها كانت قد غادرت..عدت شقتي مطأطأ الرأس يسبقني زفيري...انتبهت أنها قد علقت على ظهر الباب رسالة!... قطفتها مسرعاً... وقرأت ما كتبت:
- ((لقد كان أجمل فراقٍ عرفته..
لن أنسى عينيك أبداً,,,
حبيبتك...
القدس....
سلوان...))
مضغت الورقة بين يديّ.. ثم ألقيتها غاضباً إلى سلة المهملات..طرحت نفسي على الفراش أتحسس الموضع الذي اضطجعتْ فيه.... لكن لحظة؟! ماذا قصدت بتوقيعها... القدس سلوان..... أخرجت الورقة مسرعاً من سلّة المهملات وأعدت قراءة الكلمات الثلاثة الأخيرة... سلوان؟؟ أليس ذلك هو الحي المقدسي الذي باشرت سلطات الاحتلال في هدم بيوته...؟ لا بدّ أن ذلك هو العبء الذي يثقل على كاهلها.. لا شك أن بيت عائلتها قد هدم.. لكن لماذا اختارت أن تفارقني؟.. هي لا شكّ تعرّض الآن نفسها للخطر!!!.. خرجت من المنزل مهرولاً.. حافي الصدر وعاري القدمين حاملاً نعليّ بساعدي.ولم أفكّر في مصيرها بقدر ما فكرت بمحبوبتي السابقة.. شعرت أن المسرحية ذاتها يعاد عرضها على شاشة الحياة...شعرت أن تلك النفس التي هجرتني عادت لتطاردني ثانيةً.. وأنها حملٌ ثقيل يرهق صدري الضيّق الذي يعجز عن حضن حبين ووفاء في آنٍ معاً...... شعرت أن الأرض تدور من حولي..وأن خفق النعال الذي يكتنفني صخبٌ جداً.. وأن العرق يغمرني حتى يكاد يغرقني في تموجاته..... وأن الأمكنة أضحت جميعها مليئةٌ بطبقاتٍ من الضباب..حتى الناس أصبحوا غير مرئيين.. السيارات متموجة.. وأصوات أبواقها عالية جداً!!!...الشمس تحدّق بي بوقاحة.. وسناها الجريء يلكمني..واصلت الجري مترنّحاً كالثمل بكامل ما تبقى بي من طاقة...حتى نفذت....


كان لا يزال وجه السماء ممتقعاً عندما استفقت من اغمائتي.. الشمس تفقأ عيني وتخرشم ذقني.. والغيوم القليلة في الزوايا واجمةٌ لا تبرح مكانها في خارطة السماء..الهواء خشنٌ كرؤوس المسامير.. وفوضى عارمة من حولي يصدرها جمهورٌ يكتنفني من كل جهة.. نهضت مسرعاً وشكرت الله أن اغمائتي لم تطل إلا لهنيهاتٍ قليلة.. صرخت في الناس أن يفسحوا لي الطريق وتابعت الركض إلى أن وصلت محطة القطار..وهناك علمت أن القطار الأول إلى القدس سينطلق بعد برهات.. هرولت إلى القطار مسرعاً... توجهت إلى مقطورة الجنود فيه.. أردت أن اطلب منها أن تبقى لأجلي وأن لا تموت لتنتقم..أردت أكثر من أي وقتٍ مضى أن أعانقها وأحدثها..وددت أن أطلب منها أن نمتشق حبنا حساماً في وجه الألم...وأن لا ننظر في كؤوسنا يوماً فلا تتكسّر ..وأن لا نقرع ناقوس الذكريات..فلا نتذكّر... وأن نعيش وحيدين والقمر واللعنة.. أردت أن أخبرها أني سأعتصر الحجارة لأروي شفتيها الصديانتين.. وأني سأنبش قبر البهجة لأسعدها.. وأني وأني وأني وأني.....
لكني لم أجدها هناك.. في مقطورة الجنود...

أكملت عبور القنطرة مطأطأ الرأس منحني الجبين..أفكاري تقدح زند القلق فتتلظى ألسنة الرهبة في رأسي ويساورني سبطٌ من الأرق.. وبينما أنا في طريقي حدب باب القطار... رأيتها... رأيتها بكامل تفاصيلها.. شعرها الأسود القصير..عينيها اللوزيتين..رموشها الطويلة..مآقيها الدهماء..وانحناءاتها اللولبية..
شفاهها تغص في شفاهِ آخرٍ..ولسانها يعانق لسان آخرٍ..صدرها الصاخب الذي تحسده معالم الزبى ينتفض على صدر آخر.. كاعبيها يلاصقان كعبُ آخر..شعرت أني أختنق وأن عنكبوتاً ينسج مشنقة الذل حول عنقي وفي لحظةٍ من الفراغ التفكيري قتلتها.. قتلتها نعم لكن لا أدري كيف قتلتها لكني فعلت.. واستفقت إلى وعيي وأنا بين تباريح صدرها أعانقه.. ويحضننا الموت... وتحيطنا اندهاشاتٌ وابتهالاتٌ وأزيز لعنة القمر الغائب ترافقنا...

قالت لي مرّةً أن الكأس الممتلئة لا بد تنكسر...وأنها إن انكسرت تجرح... في السجن أمس قدّموا لنا صحيفة.. سارعت بانتشالها من بين جثثٍ كثيرة رائحتها نتنة..لا عجب ففي السجن كلنا جثث ننتظررحمة الدفن..قلبت الصحيفة عجلاً فرأيتها تتربع هودج الصفحة الأولى:

طالبة مقدسية هدم بيت والدها في سلوان تنكّرت لبياعة هوى وخططت لانفجارٍ كبير فقتلها مجنون...

ثق بالقدر.. واستجب لنداءاته وصمته..واحذر لعنة القمر فهي تلاحقك...


انتهى...

((مسودة))

كذبةُ المساء

لا تعاوري فؤادي فقد تركته يومها هناك…
منصهراً على عتبة بابك..
يتمنى لو تخمدين فيه
قبساً تلظى في زوايا الآه..
يتمنى لو ينتحر المساء من فوقه
فيبعث فيك لجة السقوط..
ثانيةً..
يا أيتها التي كانت
ولم تأت..
رجف بعيني الضحى..
بعدما انتحر الليل..
فهوى
ولم تهو..
مجدداً في سماء العشق
و لا زلت على عتبة بابك..
أتسول الهوى..
وأمتشق السقوط..
من غمدٍ لم ينس
الخطيئة..
يبتاعني الحنين..
لأشلاء صورٍ..
في مرآةٍ
كسرها الليل..
وجنون امرأة
لم تع صدق اللحظة..
فأجيبي النجوم..
متى تكتسي بسمل الوجوم..؟
وهل لومك ناظرٌ لنحري أم
أنت هي الناظرة..؟
يا عاذلة..
أنت والليل قصيدتي
فليكن عتابك للقصائد..
وقدوديةٍ شاميةٍ يصدحها
ديكٌ كل صباحٍ قرب حدود شرفتي..
فأعانق الوسادة..
أو لصهيل الشفاه..
أو موسيقى القبل..
التي قطرتها
على رفات مسمعي..
فأعادت نزف الحياة
إلى جرحي..
وعندما..
تضوعت منك رائحة الانتشاء..
لمتني..
هل كنت حيث أبيتني..؟
إذاً لم قدّمت لي كأس الانكسار..؟
ومزجت مع الثلج انتحار
شفتين على حدود الجسد..؟

رسالة مقاوم

يلومني
ويقول أن في فكري خلل..
ويلومني..
ويقول أن في وطأتي قزل..
ويلومني..
ويقول أن الحطب ما لبث أن جف حتى استوطنه البلل..
ويلومني
لأني أطمح أن أطل يوماً كالبابا
على أحلامٍ حجت لشباكي..
أروي شفا شطآنها بالصلاة
للأملِ..
وأغفر ذنوب المنون بالتضرع
للسماح..
قد رافقتني المنايا منذ الأزلِ
في محياها يتشدق الخجل..
تقضم مني ما استطاعت..
وأعطيها مني بلا وجل..
أيا مشايعتي الوحيدة
ما فتأتُ
أن ولدتُ
حتى باغتِّني بالأجل..؟
نحن عشاق الحياة لا يريبنا الردى
إنما فيه الجزع لطلاب الموت
وما هم بناشديه لأنفسهم
إنما تملصاً من سعيرٍ
في ثناياي اشتعل..
يصلون للنحر كل نيفٍ
أن يباغتني..
فيأتيني ويتركهم..
هم لا يدرون أن في الموت بجل..

أيا عربيٌ…
أيا عربيٌ كيف تلومني ومنك
رضعت الكرامة..
ومنك اقتت الأمل..؟
أأنا بريت من طينٍ
وهم جُبِلوا من عسل؟

أيا عربيٌ
كيف تلومني..
والقمر بعد أن قبّلوه محبةً
راح اغتسل..

أيا عربيٌ
كيف تلومني
والجبل حين رآني صدياناً
ستون صيفاً..
ما نبس، بل انحنى..
ثم ارتجل
فيّ القريض والغزل:

قال لي كيف أصفك؟..
قلت ممازحاً: قل إني جبل..
قال والله إن الجبال ما كانت صمدت
وإنّ أيوب ما كان احتمل..

قلت: أجل؟؟

قال:
وإن الزهر على صدري لشاهدٌ
أنه من دون رؤياك ما كان بقل..

قلت: أخجلتني..

قال إن الحياء من الدنيا انقرض
إلا في تضاريسك ينبت الخجل..

قلت: كفى..

قال لو بقيت ستين قرناً أغازلك
ما صدني ملل وما اعتراني كلل..


**
فيا عربيٌ
يا عربيٌ لا تلمني..
فالدمعةُ بالدمعةِ والآه بالآهةِ
والوهن رحل..والماضي أفل..

خلفَ أقنعةِ الطبيعة

حذارٍ من قمرٍ ساهورٍ
ما طلّ ليستجمّ،
أو ليصبغ ذقن المساء
ببريق مرآةٍ كلما هَلَلْتَ..
همست:
أحبك جمّا..

ومن بحرٍ فاجورٍ
تمتطي أمواجه المذمّة..
يقلّد ألوان السماءِ،
ويستعير العناد من
ملامح الرياحِ،
وكّلما ابتلعك أكثر..
نَبَسَ:
أين التَتِمّة؟

ومن سحابٍ وناهورٍ
أسلموا لدين الوجودِ أمّا
الوجود فقد
أنكرهم في الغدراءِ،
وتجاهل
أن في تعميد الغيث
لهم مهمّة..

تخالهم أنت الطبيعة
كقارور بناعورٍ،
لكنهمو..
عدوٌ فيك ذمّ
وآخِرَهمو:
شيخٌ لك أمّ
خطبة الولاءِ،
وأنت كما أنت
أحمقٌ
كلما قتلوك
عَقَدْتَ قمّة..

ويحك تبستم للرزايا..
وتحييها بقربانٍ ونامورٍ!
أُجْهِضَ من رحم الأمّة
تهيمك أكذوبة الرخاءِ،
وإذ جاءك العدا
في ضيقٍ
قلت: هلمّ..

وأنا العليل بناسورٍ
ألملم عن صدري الدمَّ،
أناجيك لتقطفني من العناءِ
والظلمة...
فأراك كأحمقٍ أعشى
وسط الوغى!..،
لا زال
يبحث السِّلمَ!

أنثى مغتصبة


شعوبٌ على رفات شعب..

وأمتي فيها ألف شعب..

للعدى نحن شتّان..

وإليهم نحن فُتات شعب..

لأننا ننسى أن في الصباح

أنوثةٌ ..

يتمايل مسكها على أكفّ النسيم..

وسعفٌ

تكشف بسنتيمترين عن صدر النخيل..

وشفاهٌ غمارٌ بين شدقيّ قمرٍ غاسقٍ..

يقظة

فقدت نعمة النعاس...

لأنّ صباحنا أنثى حافية النهدين...

يتسابق المطر الآسن إلى مخادعهما..

ويخلع عنهما شراشفُ السديم....

لأن صباحنا أنثى بلهاء..

دلفت وهاد الذئاب عاريةً...

خلعت تقاسيم الخجل...

وتسربلت في ملامحها عفويّة الرياح..

لأنّ فستان الليل الضيّق

الذي يكشف عن أخدود ظهرها الشرقي..

وعقد اللؤلؤ المصلوب على عنقها

لا يليقان بتضاريسٍ الضحى...

لأن قدّ الكرمل الساحل كتلابيبٍ متعبة لشمسٍ أخيرة...

كنجم أحمرٍ ناضجٍ تغذى على هرطقات الهواة...

يثير جماحاً للحيارى..

فيتساءلون

بأي أعراسك يتبلون الضيم..

وبأي ضيمٍ يتبلون العرس

بلادي..

أنثى مغريةٌ أنت

لم تحتشم..

واقتلعت من ذاكرة الحواس

مشهداً لجنازةٍ في ناصيتها إصبعين شامخين

وفي محرابها..

كفنٌ لهنيمة حقٍ ذابلة..

وجثةٌ للإنسانية..

مشهدٌ أقضّ

مضجع ليلتنا القمراء..

الساجية..



بلادي يا أيتها الأنثى ..

يا صيادةً للهوى أنت...

ما عاد الحب يُمضغ...

وبات البحر يشكو

لسعات الغوى

وحسيس الظمأ...

فاعتزلي الصيد أو...

اصطادي الاعتزال إليك..

يرونك امرأةً يا بلادي..

يرونك امرأة!

تسوقهم الشهوةُ إليك..

ويغتصبونك عنوةً

غريبٌ

كيف تجهل آلامَك نسائُهم

قد

سمعتهن خلف الجدار الكبير...

يهززن رؤوسهن كما النجوم تمور..

ويتحدّثن عنك.. ويصفنك بالزانية...

ومُتمتمات كالفحيح تتمختر من أفواههن..

مبتهجات برحلة الفراش التي خاضها ذكورهن وذكوراتهن..

وبضربٍ من النصر فيها..

يجهلن أن ما من جفنٍ للمساء

قد يطبق على جفنٍ للبكور...

يجهلن أن من خلف وجه القمر حدّادٌ للحبّ

يصنع اللعنة...

انتظرن اللعنة يا نساءً من سقمهن وكيدهن وحقدهن ..

عافت بكارتهن المطارح وتشدّقت في قوافل الرحيل..

يا أيتها العاريات من شرفٍ!

يا من يتفرسن في وجه القمر...

ولا يراودهن الخجل...

لن تَجْبِل نهودكنّ العرجاء..

رجالاً ولا أنصافاً

فالثدي القزل..

لا يثري إلا بحليب البقر...

نحن أبناء السفر..

نحن أبناء الكد والكدح والسهر!

لم نمتط قنطرة الرحيل

قبل أن ننسكب في أقداح الرّدى...

وقبل أن نناور فيها مكعبات الذل...

نحن من إن مات منّا يموت مرتين..

أو أكثر..

عند هضبة الجولان..

في كنف دمعة تؤوه على شدق أمٍ

أضرم الدهر في مسرحها اللوعة

لابنٍ غاب عن المشهد!

في الشام هناك أموت على حدود المهجر..

ذكرياتٌ خلفي تلاحقني..

وذكري أمامي سوف تلاحقني...

وغيهبٌ في القبر..

يمارس عليّ سياسة التوطين...



أموت أنا على المعبر..

وفي كأس المدامة أدوخ..

ويراقصني الهُدام...

في ترنحات الزيد..

وعلى الدفتر..

ومن المداد..

أسكر..

وأضيع بين

لكماته الكهروشاعرية..

وتسابقني لحاظ الموت..

وكلّما ربحتها...

أخسر...

أموت أنا في فصل المزيج...

عندما يتراشق الخريفُ في الطفولة..

فلا تدري براعمنا...

أهي طفلٌ رجلا أم رجلٌ طفلا...

وتتصاعد مع الدخان

أناتُ الربيع الأخيرة...


كلنا نفنا...

لكن

ليس من قشع المنية مرّةً كالذي

يعيش مع الموت في زوبعة...

حتى أضحى يخشى الحياة كما المنون...

من يخدم الألم في الحانات..

ليس كمن شرب الوجع مرةً...
**



من يفهمك غيري يا بلادي..

فأنت وليلى ووحدتي الأزلية

ومدادٌ حائرٌ يتيم..

يمتطي ذوامل القدر...

ويُسكب لأن يُسكب....

رواية غليان منسية.......


أنتِ والليل



أنت والليل..
وابتهالاتُ النور المتداجي..
وغضب اللعنات السماوية...
وأنا..
والقضية..
وما قبل الحجر..
وما بعد لعنةٍ سوف تلاحقنا..

وسنّمارٌ أقمرٌ غاضبٌ من

كاعبيك..

خائني ثوب الدمقس..

حرّكا الليل الكسول..
وآثامٌ صامتةٌ

تؤجلنا..

لموعدٍ مجهولٍ مع الرب..

ونهداك المنكسرين..

وآهاتٌ في عينيك..

ورياءٌ خجولٌ في عيني..

وأصوات الصمت لا يعلوها إلا

اللهاث..

وخرير العرق..

وارتجافات

في الثقة..

والضمير

وفيك..

واشتهاءٌ للعناق ..:

في مشهد الليل الغبي..

---
في مشهد الليل الرديء

لا ترين في اللحظة..

إلا انسدالاتٍ للفحولة

على شبابيك الجسد...

لا ترين إلا انكساراتٍ للطفولة..

للأمانة..

للرجولة...

لا لم تفارقنا عقارب الزمن البريء..

كيوبيد وأفرودايت لا زالا في سريرهما..

ينجبان القضية..

بالحب...

يكسران دورة الفصول..

ويبعثان بعد كل ربيعٍ ربيع....

**
أحبك..

أحبك يا فتاة...

قبل انزلاق الشمس من رحم السماء

وقبل الطلق الأول

المطير

وأعترف..

أني لولاك

ما كنت لأعلق الهوى على كتف القصيد..


لا تقولي أني كالدموع

ذاكرك في الليل فقط..

ففي الليل يا حبيبتي

ما في الليل..؟...

ديجورٌ ناعمٌ جريء..

ونور الساهور الخجول..

وامتدادٌ للأمل..

في خدرة الليل كل شيءٍ في عينيك..

في الليل يمٌ ضائجٌ راكعٌ للإباء

وكافرٌ بالسجى...

ودفءٌ في مهجة الشهب..

وضِرامٌ في الشهوات

وشجو وطن!

في صخب الليل كل شيء في نهديك..

في الليل ابتسامةٌ يتيمةٌ

تحملها قناديل الشوارع..

وأقداحٌ تتقارع فتكشف عن صدر النبيذ

وعن حمرة المواجع..

وحبّات توتٍ ناعسة

تتوق

لشفاهٍ تقضمهآ...

في الليل ما في الليل يا حببيتي..؟

في حمرة الليل كل شيءٍ في خديك..

في الليل أمٌ تصلي قيام الليل..

وعذراءٌ يانعة الحلي

تحت الغطاء

تحلم بفارسٍ يخطفها..

وعدوٌ لا يراك...

وعنقود عنبٍ خلف السور

واثقٌ أن ما من أيدٍ ستحرمه

من حضن الورق...

في أمان الليل يا حبيبتي كل شيءٍ في كفّيك..
**

في الليل كل شيءٍ فيك أنت..

في الليل أحلامٌ تغفو فيها المحرمات..

قبلةٌ..

شهقةٌ..

وامتدادٌ للوجع...

وتحمحمٌ لدموع الرجال خلف الأَطْرُفِ

فكيف بي ناسيك فيه..

كيف بي ناسيك في الليل..

يا سيدة الليل أنتِ..

ما النهار بمكملٍ للمساء..

أنتِ الكمالُ المكمّلُ

والجمالُ المجلّلُ..

يا قنديل الظلام أنتِ

الدين بعد الدين..

وهويتي أنتِ..

والموطن المملوك

في الوطن المسلوبْ..